المشروع النووي المصري..

المشروع النووي المصري..
تفاؤل علمي.. تحفظ سياسي وخوف من مصير "توشكى"!

في الوقت الذي تفتقر فيه مصر إلى مشروع قومي حقيقي يلتف حوله الناس وخصوصا في ظل عدم تحسن المستوى الاقتصادي للكثيرين منهم، جاء قرار الرئيس "مبارك" الذي لم يكن مفاجئًا بالبدء في إنشاء أولى المحطات النووية ليفتح حواراً واسعاً حول إمكانية نجاحه وأن يكون أحد المشاريع العملاقة والقومية التي يهتم بها المصريون.

وقد سادت حالة من التفاؤل والسعادة علماء الذرة معتبرين أن هذا قرار مهم انتظرته مصر على مدى نصف قرن. وقال الدكتور "هشام فؤاد" رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق إن الإعلان عن بدء هذا المشروع هو حلم طال انتظاره رغم أن دولا كثيرة أخذت خطوات في هذا المجال ونحن تتوفر لدينا قاعدة علمية وتكنولوجية تم تأسيسها منذ عام 1964. وأكد في تصريحه لـ"بص وطل" أن أهم ما في البرنامج الالتزام بالجدية والاستمرار وأن الرئيس "مبارك" بحكم سلطاته الدستورية عليه أن يضمن تحقيق ذلك، قائلا بأن هذا البرنامج يتطلب منظومة تشريعية وتقنية وتدريبا جيدا للعمالة التي ستعمل في هذا المشروع الجديد.

في حين قال الدكتور "محمد ناصر" رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق إن هذا القرار يحتاج إلى برنامج تطبيقي وإن وزارة الكهرباء عليها أن تعد دراسات لهذا المشروع وأن يوجه له التمويل المناسب. ورفض أن يتم الدخول في مناقصات مع الشركات الدولية حول هذا المشروع الذي ربط نجاحه بوجود دعم سياسي له.

من جهة أخرى اعتبر بعض السياسين إعلان الرئيس "مبارك" عن هذا المشروع في هذا الوقت بالذات بمثابة محاولة لإثبات شرعية النظام القائم في ظل الهجوم الشديد الذي تشنه عليه المعارضة منذ ثلاث سنوات، وهو ما أكده دكتور "عمار علي حسن" رئيس مركز بحوث دراسات الشرق الأوسط، مؤكداً أن المشكلة في البرنامج النووي المصري هي عدم الجدية المعتادة، خاصة أنه قد تم طرح أكثر من 10 مشروعات قومية قبل ذلك ولم يكتمل منها شيئا حتى الآن، منها مشروع الألف مصنع وتسديد ديون مصر في الثمانينيات ومشروع توشكى، وفي كل مرة كان الأمر ينتهي إلى لا شيء.

وقال د."عمار" إن الهدف من الإعلان عن البرنامج النووي المصري ربما يكون محاولة من النظام حتى يبدو أمام المواطنين أنه يحقق إنجازات وقد يكون أيضا بسبب المواربة على تفاصيل برنامج الرئيس الانتخابي الذي لم يتحقق منه إلا قليل من النقاط.

بينما أكد الدكتور "كمال القاضي" أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن الروح القومية المصرية كانت تنتظر هذا العمل منذ فترة طويلة للحاق بركب التقدم النووي وأنه ضرورة من ضرورات العصر خاصة أن الدولة التي تملك تكنولوجيا نووية سلمية هي في مصاف الدول المتقدمة، مؤكداً أن المشروعات الكبيرة ليست لها نتائج فورية ولكن الرأي العام ليس لديه صبر، ففي توشكى مثلاً كان المشروع للأجيال القادمة وتم تأكيد ذلك صراحة إلا أن الناس تتعجل نتائج هذه المشروعات القومية، وعلى الطبقة المثقفة أن تقدر أهمية هذه المشروعات وتعمل على دعمها ومساندتها كل في مجاله.

واتفقت معه الدكتوره "سامية خضر" أستاذ علم الاجتماع وقالت إن الأحوال في مصر في الوقت الحالي في ظل المعاناة والأوضاع السيئة التي يعيشها المواطنون تحتاج بالفعل إلى مشروع قومي يلتف حوله الناس فإذا فسرنا الحالة سنجدها ظاهرة بشكل واضح عندما يلتف الناس جميعاً لمشاهدة مباراة للمنتخب القومي مثلاً فالناس تريد مشروعا قوميا بالفعل يشغلها.