على طريقة مسلسل "قضية رأي عام".. ثلاث سنوات للضابط

اهتمام إعلامي واسع بالحكم والتليفزيون المصري انتبه إلى القضية فجأة
على طريقة مسلسل "قضية رأي عام".. ثلاث سنوات للضابط الذي عذب "عماد الكبير"

على طريقة مسلسل "قضية رأي عام".. ثلاث سنوات للضابط Sahsah10

أخيرا أسدل الستار على قضية تعذيب "عماد الكبير"، حيث أصدرت محكمة جنايات الجيزة حكمها بمعاقبة النقيب "إسلام نبيه عبد السلام" معاون مباحث قسم بولاق‏,‏ و"رضا فتحي" أمين الشرطة بالحبس ثلاث سنوات لكل منهما دون أشغال شاقة لاتهامهما بهتك عرض "عماد الكبير" وتعذيبه داخل وحدة القسم‏.‏

مشهد الحكم الذي تناقلته التقارير الإخبارية في القنوات الفضائية المختلفة لا يختلف كثيرا عن مشهد الحكم في قضية الدكتورة "عبلة-يسرا"- في المسلسل الرمضاني "قضية رأي عام"، فبينما صدر الحكم في آخر مشاهد المسلسل بإعدام المغتصبين الثلاثة ليكونوا عبرة لمن يعتبر، وبعدها ضجت المحكمة بصيحات النصر، أتى مشهد محاكمة الضابط "إسلام نبيه" بصورة مماثلة، لاسيما مع ارتباط القضيتين بأصحاب النفوذ؛ حيث كان أحد المغتصبين في المسلسل ابنا لوزير فيما ينتمي الضابط لأسرة ذات نفوذ فضلا عن كونه ضابط شرطة أصلا.. وفي مشهد محاكمة "عماد الكبير" ما أن انتهى القاضي من النطق بالحكم حتى تعالت الصيحات المؤيدة للحكم وصيحات "الله أكبر" وبعض الزغاريد أيضا!

المثير في الحكم هو التناول الإعلامي واسع النطاق له داخل مصر وخارجها، بل ووصل الخبر إلى نشرات الأخبار في التليفزيون المصري في سابقة هي الأولى من نوعها، بعد التعتيم الإعلامي الرسمي في مثل هذا النوع من قضايا التعذيب داخل أقسام الشرطة.

فالتليفزيون المصري وضع خبر الحكم على ضابط الشرطة ضمن شريط أخباره على القناة الأولى، بل وقدمه أيضا ضمن نشرات أخباره المتوالية، وقدمت قناة النيل للأخبار تقريرا مفصلا من قلب المحكمة عن ملابسات الحكم، ووصفه المراسل بأنه "لا أحد فوق القانون"، مما يبرز اهتماما إعلاميا رسميا مفاجئا بالقضية عقب صدور الحكم.

ومن أبرز المواقع العالمية التي نقلت الخبر موقع البي بي سي العالمي باللغة الإنجليزية، حيث قدم تحليلا مفصلا للقضية منذ بدايتها، وأوضح أن القضية تعد واحدة من قضايا مماثلة كثيرة من قضايا التعذيب يتم اكتشافها داخل أقسام الشرطة وتطرح عادة من خلال ناشطي المدونات.

كما قدم الموقع العربي من بي بي سي صيغة أخرى للخبر جاءت تحت عنوان "حكم 3 سنوات حبس على شرطيين في مصر في قضية تعذيب"، ركز الخبر على عرض تفاصيل فيديو التعذيب قائلا: "وأظهرت لقطات الفيديو المجني عليه في القضية "عماد الكبير" ونصفه الأسفل عار ويداه مربوطتان خلف ظهره ورجلاه معلقتان في الهواء وهو يصرخ مستعطفا بينما ينتهك عرضه باستخدام عصا، فيما يقوم هؤلاء الذين يقومون بتعذيبه، والذين لم تظهر وجوههم، بإذلاله".

وحظي الخبر بانتشار واسع النطاق عبر مواقع الإنترنت الإخبارية الأجنبية، حتى إن نتائج البحث في جوجل عن الخبر تقودك لمواقع إخبارية ألمانية وإسبانية وغيرها تجمع أغلبها على تأكيد أن "التعذيب في أقسام الشرطة أمر شائع في مصر"!

حتى إن جريدة هيرالد تريبون في نسختها الدولية الصادرة اليوم –الثلاثاء- أكدت أن قضية "عماد الكبير" تتكرر كثيرا في أقسام الشرطة المصرية، لكن الفارق هنا أن هذه القضية دعمها فيديو مصور، وأضافت الجريدة العالمية أن التعذيب يستخدم بصورة روتينية في أقسام الشرطة وفي معاملة السجناء عادة، لكن الحكومة المصرية تنكر حدوثه سوى في حالات فردية، وأن وزارة الداخلية حققت في بعض قضايا التعذيب خلال الأعوام الأخيرة، لكن العقوبات عادة ما تكون مخففة حتى في الحالات التي يتسبب فيها التعذيب في قتل المجني عليهم.. والكلام للصحيفة العالمية!

فيما نقل كثير من المواقع الإلكترونية للفضائيات الإخبارية العالمية تفاصيل القضية نقلا عن موقع The Associated Press الذي قدم تغطية وافية للخبر نقل حرفيا عبر الصحف الأجنبية الصادرة اليوم.

وبحسب تقرير لبرنامج العاشرة مساء على قناة دريم، طالب محامي المجني عليه "ناصر أمين" الحكومة المصرية بالاعتذار لـ"عماد الكبير" عما تعرض له من تعذيب، كما أعلن محامي المتهم "جميل سعيد" عزمه الطعن في الحكم.

لكن وكالة رويترز علقت على ذلك قائلة: "أحكام محاكم الجنايات المصرية نهائية لكن مصادر قضائية قالت إن المحكوم عليهما، سيطعنان في الحكم أمام محكمة النقض وهي أعلى محكمة مدنية مصرية، ولا تنظر محكمة النقض في موضوع أي دعوى مطعون في الحكم الصادر فيها، لكن تنظر فيما إذا كان هناك خطأ في تطبيق القانون تسبب في صدور الحكم المطعون فيه".

وأضافت رويترز أن منظمة العفو الدولية وصفت الحكم بأنه "خطوة إيجابية" لكنها قالت في بيان إنه يتعين على السلطات المصرية ان تتخذ مزيدا من الإجراءات لوقف التعذيب مضيفة: "إصدار الحكم.. يتعين أن يكون إيذانا بمزيد من الإجراءات المنسقة من السلطات المصرية لضمان إجراء تحقيقات وافية في جميع مزاعم التعذيب وأن يلقى المسئولون عن التعذيب وإساءة معاملة المعتقلين جزاءهم"، واهتمت رويترز أيضا بنشر تفاصيل فيديو التعذيب كما فعلت بي بي سي.

وتعود جذور القضية إلى 20 يناير 2006 عندما ألقى المتهمان القبض على السائق "عماد الكبير" بدون وجه حق، وقاما باحتجازه بلا أسباب وتعذيبه ثم هتكا عرضه بالقوة، وقاما بعدها بتصوير عملية تعذيبه وهتك عرضه بكاميرا موبايل.

وقفزت القضية إلى الرأي العام في نوفمبر 2006 عندما انتشر تبادل فيديو التعذيب عبر البلوتوث، ونشرته المدونات على صفحاتها على شبكة الإنترنت لا سيما مدونة "وائل عباس"، ثم فجرتها جريدة الفجر وتابعتها بجرأة حتى استطاعت الوصول إلى السائق "عماد الكبير" وأجرى معه الصحفي "وائل عبد الفتاح" حوارا أدلى فيه باعترافات خطيرة عن تعرضه للتعذيب داخل قسم الشرطة وتصوير الفيديو له أثناء هتك عرضه ليكون وسيلة ضغط مناسبة عليه وفضحه بين زملائه من سائقي موقف بولاق الدكرور، وهي الاعترافات التي أٌجبر "الكبير" على تكذيبها فيما بعد بعد تعرضه للضغط في قسم الشرطة، لكن حملة جريدة الفجر تواصلت بصورة أكثر قوة بعد اتهامها بتزييف الحوار رغم نشر صورة "الكبير" مع الصحفي "عبد الفتاح"، حتى أثبتت الفجر ما تعرض له "الكبير" من ضغوط وعاد "الكبير" يعترف بالحقيقة كاملة، لتصبح القضية أكبر من أن تتجاهلها السلطات أكثر من ذلك وبدأت التحقيق.

كما روى "عماد الكبير" بالتفاصيل الكاملة قصة تعذيبه في حلقة سابقة من برنامج "القاهرة اليوم"، الأمر الذي جذب معه تعاطف الرأى العام لتصبح قضيته أول قضية تعذيب في قسم الشرطة تحظى بمتابعة إعلامية ضخمة داخل مصر وخارجها.